الاعضاء

الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

قصيدة الصباح الشتائيّ الشاعر محمد الهادي الجزيري






أحبّكِ
ليس لديّ اعتراض على أن أحبّك
في كلّ وقت وفي كلّ ركن من الأرضِ
لكنْ أهيب بحبّك أن ينزل الآن من هذه الحافلةْ
مزاجي زقاق بلا منفذٍ
وصداعي خليّة نحلٍ
كما أنّني اليوم في خدمة العائلةْ

أحبّكِ
في غيم محفظتي نسخ من كتابي الجديد
كتابي الذي ليس في وسعه أن يحبّك مثلي
فشتّان بين القصائد
والشاعر المتوغّل هذا الصباح الشتائيّ
عبر حقول الشمالِ
مصابا بعشقكِ
منحنيا للرغيف الجبانِ وللدولة القاتلة

أحبّكِ
حذوي غبيّ يحدّثني عن إلاهي
إلاهي الذي بعد خمسين تيها
تبيّن لي أنّه كامن فيكِ
يا خدعة النار، يا حيلة الماء، يا وثبة الطينِ
ماذا أسمّيكِ يا روحيَ الجافلةْ

أحبّكِ
أعلم أنّك تستيقظين على مهلٍ
تمنحين مزيدا من الوقت لليلِ
حتّى يراجع طقس الغزالة في نومها الوثنيّ
وكي يستعدّ الصباح كما ينبغي لعناقكِ 
يعبدُ ربّكِ في مسجد الحيّ
ينهر لصّا تورّط في النوم عند تقاطع يومينِ
يكنس كلبا رهيبا ، تكدّس في درب يومكِ
يفحص كلّ الشوارع والمارة المبكرينَ
ويحرص أن تتفتّح كلّ الدكاكين والمخبزةْ
ثمّ يصعدُ أدراج بيتك محتشدا بالهواء النقيّ
حييّا ومرتبكا من هواهُ ومن ضجّة السابلةْ

أحبّكِ
من يقنع السائق الجهم
أنّي أحبّ القصيدة في شكلها الآدميّ
وأمقت أخبار مذياعه والمذيع
وما اختاره من مسوخ الأغاني
ومن حكَم الأمّة السافلة

أحبّكِ
لم يفقه السائق الجهم
أنّ الصباح الشتائيّ شرفة فيروز دون سواها
وأنّيَ أحتاج توّا إلى صوتها
كي يروّض شوقي إليكِ
ويفصلني عن خراب بلادي قليلا
وعن لغو هذا النبيّ المجاور لي
في السياسة والدين والثورة الفاضلةْ

أحبّكِ
أوقفنا حاجز للحرسْ
تنفّستُ سيجارتينِ
وبحتُ بحبّكِ للشجر المتشرّد بين الهضابِ
وللعشب والريحِ
والحجر اللامبالي بضيقي وضيق الطريقِ
وكدتُ أبوح بحبّك للسائق الجهم
كدتُ أبوح به للحرسْ
................................
صعدنا إلى الحافلةْ
وظلّ النبيّ الملاصق لي جاهلا
أنّ إدمان ذاتي عبادة ذاتك فرضٌ
وأنّ سؤالك عنّي ولو مرّة في السنةْ / نافلةْ

أحبّكِ
عيناي ظامئتان إلى وجهك العذبِ
تستعطفان غيابك والذاكرةْ
كعينيّْ بريءٍ يُقادُ إلى مقصلةْ

أحبّكِ
ماذا سيحدث إن قلتِ يوما لأهلكِ
أنّي اختراع جديدٌ
يسلّي الصغارْ
ويُتقن شدو القصائد للراغبين الكبارْ
خدومٌ فريدٌ وميزاتهُ مذهلةْ
يؤمّ المصلّين من أهلك الواثقينَ
ويسقي الذين بهم قلقٌ أو دوارْ
وليس له غاية أو طموح
سوى أن يعبّ ملامح وجهك ليلَ نهارْ
مطيعٌ ودودٌ
ويمكن تثبيته حذو مكتبة البيت دهرا
وإن لزم الأمر
يمكن تعليقه في جدارْ
........................
ألا شيءَ ينقصُ بيتك؟
مستودع للهوى مثلا؟
مشجبٌ ربّما؟
مسندٌ ... ساق طاولة مائلةْ؟.
حنيني مدرّس شعر عظيمٌ
ولكنّها الأبجديّة كسلى كعادتها
متحذلقة جاهلةْ

أحبّكِ
مرّ الصباح الشتائيّ بي ورآني
ألاحق وجهك عبر حقول الشمالِ
وأمسح غيما يلبّد نافذة الحافلةْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق