بردةُ الرسولِ
صلى الله عليه وسلم
قُلْ باسْمِكَ الله واصْعَدْ بي لسدرتهِ
واخْشَعْ لِمَنْ تخشعُ الدنيا لِهَيْـبتِهِ
هذا مَقامٌ كريمٌ، لايليـقُ بهِ
إلاّ فؤادٌ كريمٌ في محبَّتــهِ
لولا المحبةُ لم تَثْبُتْ بنــا قَدَمٌ
مِنْ خشيةِ اللهِ، إجلالاً لِرَحْمتِهِ
الأولياءُ وقوفٌ خلفَ رايتِهِ
والأنبياء صفوفٌ دونَ سُدَّتِهِ
من ليس يُسْبَقُ في خَلْقٍ ولا خُلُقٍ،
ولـيس يُلْحَقُ، كـلٌّ دونَ رتبتهِ
ثِنْتَان ثِنْتَانِ لا يَبْلى جلالُهُما
إعجازُ قرآنهِ، إعجاز سيرتِهِ!
هو المُهاجِرُ في الأصلابِ نَهْرَ سَنًا
يَسْري إلى الحقِّ، إرهاصاً بِبُغيَتِهِ
وهْوَ المباركُ في الأرحامِ نَبْتَ رِضًا
عقائلُ الطُهْرِ بستانٌ لِمَنْبتِـهِ
ما عزَّ بالنَّسبِ العالي، وإنْ شَرُفَتْ
أصولُهُ الغُرُّ، بل عَزَّت بِنِسْـبَتِهِ!!
تشريفُ حواءَ أَنْ نالت أمومتَهُ
وفَخْرُ آدمَ يأتي مِــنْ أُبوَّتِه
هو اليتيمُ الذي آواه خالِقُهُ
كرامةً مِنْ لدن ربيِّ لِصَفوَتِهِ
وهْو الصدوقُ لِساناُ والأمينُ يدًا
والباسمُ الوجهِ، لا يُشَقَى بِصُحْبَتِهِ
وهْو المُقلِّب في الآفاقِ أَعْيُنَهُ
في هّدأةِ الليلِ، طَوَّافاً بِفكرتِهِ
هل يبتغى المُلْكَ مَنْ يأوي إلى مَلِكٍ
كلُّ المـلوكِ عبيدٌ رَهْـنُ قَبْضتِهِ؟
أَوْ يطلبُ الشمسَ مَنْ بُرهانُ مُحْكَمِهِ
نورٌ مِـنْ اللهِ سـارٍ في بصـيرتِهِ؟
أوْ يرتجي قَمَرًا يهديهِ في ظُلَمٍ
مَن ظلمةُ الليلِ يجلوها بِطَلْعَتِهِ؟
مَنْ يَعْبُدُ الله، لا خوفًا، ولا طمعًا
سيفٌ مِنْ اللهِ ماضٍ في مشيئتهِ!!
لا تستَفِزُّ عطايا الكُفْرِ أَعْيُنَهُ
ولا تنالُ الرزايا مِنْ عزيمتهِ
طابت به الأرضُ، لم ينقلْ بها قَدَمًا
إلاَّ وفاحَ الثرى مِسْـكًا بـوطأتِهِ
ولا رنا للسما، في الجدبِ، مُبْتَهِلاً
إلا هَمَى الغيثُ إكرامًا لِنَـظْرَتِهِ!
راعي اليتامَى، وآسي كلِّ ثاكلةٍ
وفارجُ الكَرْبِ، والمُوفِي بِذمَّتِهِ
عَزيمةٍ مِلْؤُها الإيمانُ، لو صَدَمت
شُمَّ الجبالِ تهاوتْ دون عَزْمَتِهِ
شجاعةٌ تاجها حزمٌ، وزينَتُها
حِلْمٌ، وغايتها سِلْـمٌ لِمِلَّتِهِ
أسخى الكرامِ، وأغناهُم بخالِقِهِ
عن شهوةِ المالِ، إذ يُغري بفتنتِهِ
محمدٌ سيدُ الأخلاقِ ما كَرُمَتْ
وفارسُ الحقِّ، والحامي لِحُرْمَتِه
صافي السريرةِ، بِرٌّ كُلُّهُ وتُقًى
جرثومة الحقدِ لَمْ تَعْلَقْ بنطفَتِهِ
من قال بالحقِّ : يا مَيّالةُ اعْتَدِلي
في طــاعةِ اللهِ، إيماناً بِقُدرتِهِ
مَنْ خاطبَ الناسَ أحرارًا كما وُلِدوا
مـولاكُم اللهُ فاعْتـَزُّوا بِـعِزَّتِهِ!
الدينُ للهِ، والتوحيـدُ جوهرهُ
وكلُّ عَدْلٍ، وفَضْلٍ في شريعتِهِ
يا غارساً (لاءَهُ) في الأرضِ قاضيةً
ألاّ يؤلَّـهَ طـاغوتٌ بِسُـلْطَتِهِ
ألاّ نَخِرَّ لأصنامٍ، ولا بَشرٍ
ألاّ نُقِرَّ لِظَلاَّمٍ بِسَـطْوَتِهِ!!
أن نعبدَ الله ربَّا لا شريكَ له
ونستعينَ على الدنيا بِقُوَّتهِ
لا عذر للمرءِ في كُفرانِ خالِقِهِ
كلُّ ابنِ آدمَ مسـؤولٌ بِفِطْرَتِهِ
كلُّ ابنِ آدمَ مـردودٌ لبـارئِهِ
يومَ الحسابِ ومحجوجٌ بِصَفْحَتِهِ
الكلُّ من آدمٍ والأمُّ واحدةٌ
فكيف يغترُ مختالٌ بِجِلْدَتِهِ
إن ابنَ آدمَ لا يسمو على أحدٍ
إلا بتقـواهُ للبارِي وخَشْيَتِهِ
هذا ابنُ آدمَ عبدُ اللهِ كيف له
أن يَجْحَدَ اللهَ إلحادًا بِنِعْمَتِهِ؟
وكيف يصبحُ في آلاءِ رازقهِ
عبدًا لأموالهِ، عَبْدًا لِشَهْوَتِهِ
أسلمتُ وجهي إلى ربِّي، وأُشْهِدُهُ
أَنِّي رضـيتُ مِن الـدنيا بِقِسْمَتِهِ
باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينَ هُدًى
وبالنبيِّ، ثبـاتا في عـقيدتهِ
لما وقفتُ على بابِ الرضا دَمَعتْ
عَيني، وغَالـبها قـلبي بِفَـرْحَتِهِ
يا ربِّ فاجعلْ لنا مِن حبِّنا سببًا
إلى الحبيبِ وألْـحِقنا بِرِفْـقَتِهِ
هو المُشفَّعُ يومَ الناسُ في فزعٍ
نارٌ وعَدْنٌ وكلٌّ نحوَ وجْهَتِهِ
في يومِ كُلِّ مُحِبٍّ جاءَ مُقْتدِيًا
بِأَشْرَفِ الخلقِ يَرْضَى في مَعِيَتِهِ
صَلاةُ رَبِّي عَليهِ كُلَّمَا هَدَلَتْ
يَمَـامةٌ وَزَهَا غُصْنٌ بِزَهْرَتِهِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق