الاعضاء

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

خطاب الغول - الشاعر الصادق جقيريم


الغول يقول :
أنا أتكلّم و أنت تسمع
أنا آكل و أنت تشبع
أنا انتصب و أنت تركع
أنا أزأر و أنت تبعبع
أنا أقول و أنت تخشع
الغول يقول:
أنا لا أصنع شعرا
ولا أجيد نثرا
لا أتلهّى مثلك بالكلمات
لعبتي لعبة الموت و الحياة
لأمثالك من العابثين أترك الترّهات
و ضوابط القوافي و ضواغط التقطيعات
الغول يقول:
بيدي النفط، بيدي الغاز
بيدي مفاتيح ألكتراز
بيدي حلول كلّ الألغاز
بيدي القطن ، بيدي القمح
بيدي السيف ، بيدي الرّمح
بيدي السكّر و الملح
و ما بيدك سوى قراطيس الهموم
و لفافات التّبغ و السّموم
و ما بحلقك سوى غصّة المغدور
وأوزان العروض و البحور
يخيّل إليك أنّك تغنّي و الحال أنّك تخور
الغول يقول:
عليك بحبس أنفاسك
إن رغبت بحفظ أضراسك
لا حقّ لك لا في العطاس و لا في السّعال
لا حقّ لك لا في التعليق و لا في السّؤال
لا حقّ لك في الغناء
لا حقّ لك في البكاء
اصمت ، لآ تتنفّس ، لا تتكلّم
اصمت ، لا تفكّر ، لا تتعلّـم
اخرس ، لا تتغوّط ، لا تتجشّأ
اخرس ، لا تنبس ، لا تتجرّأ
مـــت ، لا تتحرّك ، اخشــــع
مــــت ، لا تتحرّك ، اركع
الغول يقول:
أنت باسم القانون
طاغية مجنون
أنت باسم العدالة
ربيب الحثالة
أنت باسم الديمقراطية
معادي للسّامية
أنت باسم حقوق الإنسان
مجرم جبــــان
أنت باسم مجلس الأمــن
خطر عـلى الأمن
انت باسم الكونغرس
مستبدّ متغطرس
أنت باسم حرية الرّأي
عـديم الـرّأي
أنت باسم السّلام
خطر على السّلام
الغول يقول :
أنت ، ما أنت ؟
انت الشرّ
و محور الشرّ
أنت القرّ و الحـرّ
أنت مصدر تسونامي
و مموّل الإرهاب المتنامي
أنت المستبدّ الطّاغي
أنت المقزّز الباغي
أنت صانع المقابر
أنت مقترف المجازر
الغول يقول :
أنت مصّاص الدّماء
أنت القضاء
أنت البلاء
أنت من أتلف غابة الأمازون
و تسبّب في ثقب طبقة الأوزون
الغول يقول :
قل " نعم " على عجـل
قل " أكيد" ، قل " أجـل "
قل " حاضر سيّدي "
انحن و قبّـل يدي
لا تعترض ، لا تفكّـر
لا تتردّد ، لا تتدبّر
لا تطرح أيّ سؤال
ليس أمامك سوى الامتثال
اركع ، اسجد للتّمثال
صفّق للديمقراطية
و اهتف " تحيا الحريّة "
الغول يقول :
يا منبوذ ، يا لـَعين
أنت في فم التنّين
كن مثل النعجة دولي
و قل " يحيا سيدي غولي "
قبل أن افرم عضامك
قبل أن اشرب إدامك
إنّي ضمآن لدمك
إنّي جوعان لشحمك
إنّي مشتاق لنواحك
إنّي مفتون بجراحك
اركع أمامي
و العق أقدامي
مجّد أجدادي
بارك أحفادي
الغــول يقــول :
أيّها العربيّ السّــفيه
أنا سيّدك الوجيــه
خذ المعـول و احفــر
ارفع القذارة و عـفّر
بيديك اشنق شقيقك
بأنيابك مزّق رفيقك
ايّها العربيّ اللعين
انا سيّدك الأمين
تجسّس ، تآمر على الأقربين
قدّم لي القـرابين
احترم الوصايا
راكم الضحايا
اغتصب الصبايا
قدّم لي الهدايا
الغــول يقــول :
يا ابن العرب
يا داء الكلب
يا عديم الأدب
عليك بالفحم، عليك بالحطب
أوقد النار
البس جبّة العار
احرق بني جلدتك أحياء
اقطع رؤوس العلماء
عفّــر العمائم البيضاء
عليك بالبنزين
عليك بالسكّين
اذبح المشايخ الأجــلاّء
انبش قبور الشهداء
فجّر مقامات الأولياء
الغــول يقــول:
أنا أتميّز غيظا منك
و أكاد أنقضّ عليك
و إن شئت أن أرضى عنك
ليس أمامك سوى تطهير المكان
من الإنس و الجان
من الشيوخ و الصبيان
من العجّز و الشبّان
من الرجال و النّسوان
اقتلهـم ، اقتلهم جميعا
وليدا و رضيعا
اقتلهم ، تأكّد من موتهم
تثبّت من انقطاع صوتهم
و لتتحقّق من انقطاع الأنفاس
احرص على قطع الرّأس
الغــول يقــول :
يا عربيّ ، يا غبيّ
يا من تدّعي أنّك شهم أبيّ
لقد تشدّقت جهارا
و كرّرت ليلا و نهارا
أنّك مغوار شجاع
حتّى سبّبت لي الصّداع
الآن ، يا عربيّ ، أزفت السّاعة
لتثبت لي تلك الشجاعة
اخرج للسّاحات و الميادين
وروّع الآمنيــن
أطلق النار على كلّ من هبّ و دبّ
من إخوتك المناحيس العرب
أريد مذبحة
ولا أقنع بأقـلّ من مجزرة
أريد جثثا مشوّهـة
في عمليّة مموّهـة
أريـد بركة من الدماء
أريد حطاما ، أريد أشلاء
أريد ألف مجلس عـزاء
برهن عن إبائك
أثبت للعـالم وفاءك
للغول سيّدك و سيّد آبائك
الغــول يقــول :
لقد جعت و تمزّقت أمعائي
و لكم أودّ أن أراك في أحشائي
يا أسمر ، يا سمين
أيّها العربيّ البدين
و حياة عينيك
لا أدري لم لا أجهز عـليك
لكن في الانتضار اسقني النفط و النبيذ
و الزيت و الغاز و مشروب الفسفاط اللذيذ
طف في الدّار
هات ما عندك و ما عند الجار
ناولني تمرا و حوتا في آنية من الفخّار
طيّب خاطري بشحنة من اللؤلؤ و المرجان
جهّز لي نزلا يزخر بالجواري و الغلمان
صبّ في رصيدي ألف صكّ على بياض
ركّز على مشروع الشذوذ و الإجهاض
و أنصحك مخلصا بإحياء سوق عكاظ
الغــول يقــول :
يا أحمد ، يا ابن السلطان
يا سليل خرافات زمان
انتهى أمرك
وامّحى ذكرك
و رحت في خبر كان
سأزدردك
سألتهمك
سأدقّ عنقـك
لن ينفعك خاتم السّاحر
لن ينقذك كيد الماكر
و لا أعوان شهبندر التجار
إنّك في قبضتي
و تحت رحمتي
سأسلخ جلدك
و أشوي كبدك
سأصلي لحمك
و أنتف لحيتك
كيف تجرا عـلى هدهدة الأمـل
و تكنّي نفسك بالبطل ؟
كيف أوهمتك نفسك السخيفة
أنّك من عائلة شريفة ؟
كيف تجاسرت و خاطبت المرآة
و تصوّرت أنّ ما فات مات
و أن ما مضى أسوا ممّا هو آت؟
من منحك حقّ استخدام فكـرك
و خوّل لك توريث بكرك ؟
لقد تخطّيت حدّك
و تجاوزت قـدرك
و مضيت من حيث لا تدري إلى حتفك
هـل نسيت عذابي
و شراسة كلابي؟
هل نسيت مخالبي ؟
هل نسيت مقالبي؟
هل نسيت العضّ و الرفس؟
هل نسيت القضم و القرص ؟
الغــول يقــول :
يا أحمد
يا أجعـد
سأرعد
و سأزبد
سأنسيك السنّة و الفرض
وأزلزل بك الأرض
لك الويل
لك الهول
لك الثّبور
و عظائم الأمور
لك المنيّة و وحشة القبور
لن أغفو عنك
لن أعفو عنك
أمامك حلّ وحيــد
لتسلم من الوعـيد
يا جبان ، يا رعـديد
اذبح أمك من الوريد إلى الوريد
و اشنق أباك بحبل من حديد
أوّل أيّام العيــد
و أقم حفلا للغناء و الزّغاريد
و مأدبة كسكس و ثريد
بالزبيب و اللحم و الـقدّيد
هذا شرطي لأطلق سبيلك
و ألحقك بالقزم دليلك
عساك تنال التفّاح الذي يفوح
و يردّ للعليل العقل و الرّوح
فترجع إلى بدر البدور
عبر الفيافي و البحور
و تعيش معها مدى الحياة
في ثبات و نبات
الغول يقول :
يا أحمد ! يا أجعـد !
تذكّر النعيم الذي ينتظرك
لو نفّذت المهمّة
و تصوّر الجحيم الذي يترقّبك
لو تحرّكت فيك الهمّة
هذه فرصتك للنجاة
أو عثرتك للممات
فعجّـــل باتخاذ القرار
و تذكّر أنه ما من خيار
سوى الدّم
سوى الهمّ
سوى النّدم
اقتلهما يا أحمد و فز بالعروس
اشنق الطاغية بلا رحمة
اذبح العجوز بنقمـة
لا تشفق، تسلّح بالحقد و بالعسف
تجرّد من الرحمة و العطــف
قده إلى المشنقة و جرجره
تطاول عليه
سبّه و أهنــه
اضحك ، قهقه و اسخر منه
انتقم و تشفّى منه
تفنّن يا رجـل
تفنّن يا بطل
أبدع يا صاحب البأس
في وضع الأنشوطة حول الرأس
تأكّد أنّها لن تعتق العنق
و أنّها تضمن قطعا الخنق
يا لروعة المشنوق، انظر إليه
يا لروعة المشنوق، تأمّـــله
إنّك تشنق أباك فتمتّع
إنّك لا تشنق غريبا فاستمتع
الغول يقول :
يا أحمد
يا أجعـد
يا ابن السلطان
إن أردت فعلا أن تنجو و تفـوز
اهـتمّ بعد عرس الشنق بالعجوز
عليك بها بنفس العزيمة
لا تعتبرها بشرا
اعتبرها بهيمة
انحرهـا بالسكيــن
و لا تنتبه لا لخوار و لا لأنين
اقطع أوداجها
و لا تنصت للشخيـر
إنها مجرّد شاة أو بعــيـر
دعها تتخبّط و تهتــزّ في دمها
لا تحفل لوجعها
لا تكترث بألمها
إنها من فصيلة الأعراب
دابّة لا تعرف العذاب
حشرة عــديمة الإحساس
تحمل فيروس الإرهاب للنّاس
انحرهـا و ارم جثّتها للكــلاب
و سمّعنا أغنية عبد الوهّاب
" أحبّ عيشة الحرية "
يا شاطر ، يا ابن بهيّة
الصّادق جقيريم / صيّادة 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق