الاعضاء

الاثنين، 7 نوفمبر 2011

حمامة الأمس .. صلاح داود

حمامة الأمس ..

صلاح داود
**
في اليوم العالمي للشعر..

ألقيت القصيدة لأول مرة في الدار البيضاء
في 19/3/2010
**
1
بالأمــــــــــــس كـانـت هــا هـنـاك حمـامـة
تـخــتــال فـــــي ورد بــــــه تـرمـيــنــي

فـي حضنهـا عصـف الـغـــــــــــــرام كأنـهـا
نــغـــم يــداعـــب نـفــحــة الـنـســـريــن

وجنـــــــــاحُـهـا هــــزاتُ عــطــر مُـسْـكــبٍ
أو رقـــصــــــةٌ مـجــنــونــةٌ تـغــريــنــي

مـرّرْتُ كفّـي فـــــــــــــــوق هـمـس عبيـرهـا
وأصـابـعـي فـــي شَـعْــــــــرهــا تـجـريـنـي

شرَدتْ مع الريحـــــــــــــــــان لم تترك صدى
غـيـرَ الـظـنـــــــــــون تُقـضّـنـي تضْنـيـنـي

وتُميـتـنـي فـــي الـيــــــوم كـــل دقـيـقـة
وبــعــيْــد كــــل مــمــاتــةٍ تـحْـيـيــنــي

ومـــع الـثـوانـي البـــــاقـيـات تُـعـيـدنـي
لـعـيـونـهـا فـــــي لــحــظــةٍ تــرْديــنــي
**
2
بالأمـس كـانـت هـــــــــــــا هـنـاك حمـامـة
صعِـدتْ علـى ركــــــــــــــــح الهوى..وتثنّـت

كــــلُّ الأكــــــــــفِّ تـلـهّـبــت وتـوجّــعــت
وتــوسّـــلـــت وتـــــــــودّدت وتــمـــنَّـــت

لـمّـا استـبـان السـكْـرُ فــــــــــي أرواحـنـا
قـفـزت عـلـى قـمَـــــــــــر السّـمـاء وغـنَّـت

مِلْنا..ثمِلنـا.. لــــــــــــم نصـاحـبْ عمْـرنـا
وتحـمْـلـقـتْ مــنــا الـعـيـــــــونُ وعــنّــتْ

وحمامـتـي لـيـسـت هنــــــــــــا..وحسبْـتـهـا
هـــبّـــاتِ نـــسْـــم لــلــشّــرارةِ حـــنّـــت

وحـسـبـتُـهـا ريــحًــــــــا دخــانًـــا ذُرْذرت
فــــوق اللهيــــــــب فـمـزّقـتْــه ورنّـــــت

وسمـعْـتُ قلـبـي مـــــــــــن رنـيـن مِزاقـهـا
كـالـنــار جـنّـنَـهــا الـنُّــفـــاخُ فـجُــنّــت
**
3
بالأمـس كــــــــــــانـت هــا هـنـاك حمـامـة
صــــوّرْتُ مــــن تَحْـنـــــــانـهـا إيـحـائــي

وطَـفـتْ لِـحُــبّ العـــــــــاشـقـيـن نـوازعــي
حمَلَتْ جـوًى مـن تونـــــــــــــــــسَ الخضـراء

لــمّـــا رأتــنـــي راحــــــلا بـمـشــاعــري
قـــــادت سـفـــيــنَ الــوجْـــد لـلـمـيـنـاء

للمـغـرب الأقـصــــــــــــى وسِـحْــر ربـاطــه
لِـجــنــائــنٍ بــمــراكـــشَ الــحـــمـــراءِ.

وعلى شـــــــــــــــــراع الشوق هِمْتُ بأحْرفـي
صـوْبَ الهــــــــــــوى فـي دارنــا البيـضـاء

فــلــنــا هـــنـــاك نـــــوارسٌ وبـــلابـــلٌ
شقّـوا القوافـي الهُــــــــــوجَ فــي الأنــواء

وركبْتُ شِعــــــــــــــــري المستهـامَ بطنجـةٍ..
مــــا أجــمــلَ الـتّـهـويـمَ بـالـشـعـــــراء!
**
4

بالأمـــــــــــس كـانـت هــا هـنـاك حمـامـة
صادت صقورَ الشِعْـــــــــــــــر بيـن شِباكيـا

قـبّـلْـتُـهــا لــم أدْرِ أنّــــــي غــيــمـــة
حـتــى لـمـسْـتُ شفـــــــــاهَـهـا بشفـاهـيـا

ومـــددْتُ روحـــي للـسـمــــــــاء أطـالُـهـا
ومـــرَرْتُ فـــوق ضيـائـــــــهـا بلـسـانـيـا

فشعـرْت أن الضــــــــــــــوء مجـتـذب دمــي
وعـلـى الـضـفـاف النـائـيــــــات نـدائـيـا

وهـربْــتُ مـــن أحضـانــــــــهـا لـزوابـعـي
فتـطـايـرتْ فــــوق الـجـبـــــال جـبـالـيـا

وتـعـثـرَتْ بـيــن الـشـفـــــــاه قـصـيـدتـي
لـم أدْرِ كـيـف أصـــــــــــوغ عِـقـدَ كلامـيـا

لــــمْ أدْر أنّ الـعــمْــر قـــــد عـتـقْـتُــه
حتـى عصـرْتُ الخمــــــــــــرَ مــن أحزانـيـا

**
5

بالأمـس كـــــــــــانـت هــا هـنـاك حمـامـة
عـشْــقُ الـقـــــــوافـي شـفـهّــا أضـنـاهــا

سجعت على أطــــــــــــــــــلال خـلان الهـوى
فـــي عـيــد شـعــر بـالــــوفـاء رمــاهــا

عـــيـــدٌ يـــطـــرّز لـلإبـــاء سـبـائــكــا
فــي عـشـق قــدسٍ قـهْـــــــــرُهـا أبـكـاهـا

عيدٌ مـن الفــــــــــــــرح المضمَّـخ بالضنـى
أرضُ تــنـــادي .. اِبـنَــــهــا وأبـــاهـــا

جـولانُــهــا تــاقـــــــت رؤاه حـمـامــتــي
فـتـعــثّــرتْ فـــي غـــــــزّةٍ ســاقــاهـــا

ها ها هنــــــــــــــاك هـوَتْ تمُـوج حمامتـي
فــــي نـجـمــةٍ وجَــــــــعُ الأذى ألـقـاهــا

رفّــتْ بـدمْـع الـعِـــــــــز عـيـنُ حمـامـتـي
فـأبــى الـبُـكَـا مِــــن ثِـقْـلِــه شـفْـراهــا
**
6

بالأمـــــــــــس كـانـت هــا هـنـاك حمـامـة
فــي شــــــــــارع المنـصـور تــاه شَـداهـا

هـام الرشيــــــــــد علـى الـفـرات بحِسّـهـا
فـتـعـشـقـتْ أمــــــواجُ دجــلـــةَ فــاهـــا

لمـا رأت مِـــــــــزَق الـمـآذن فــي الـثـرَى
مـــن فـسْــق مـلـعـــــــــونٍ طـغَـى..أذاهـا

مِــن مُسـلـمٍ بــاع الـحِـمَـى لمُـتــــــــاجـر
ورخـيــصِ قَــــدْرٍ عــانــــــــق الـسُّـفـاهـا

متـأمْـركٍ ذفِــــــــر الـقـفـا حـتــى غـثــت
مــــن فـحْــشــه أمــعــــــاؤه بـقــذاهــا..

قفزتْ على وجــــــــــــــــه الصّفيق حمامتـي
تَسـقـي الـثـرى مـــــــــن عيـنـه بـدمـاهـا

مــا هـمَّـهـا غــــــــــدرٌ تـرصّــد طـوْقـهـا:
مِـــن هــــا هــنــــاك مـعـمّــمٌ أرْداهــــا!
**
7

يــــا شِــعـرُ مـزَّقَــنــا الــكـلامُ وإنّـــــا
بــيــن الـســطــور وتـحْـتـهــــنّ دُفِــنّـــا

خــلْــف الــزمــان تــنــــوء تفـعـيـلاتـنـا
أسـبـابُـنــا انـكــســرتْ تــنـــوح كــأنّــا

لا الــقــدْسُ مـسـلــــــــوبًـا..ولا بـمـحـمـدٍ
قــد هوّنــــــونـا فــي الـرسـوم .. فـهُـنّـا

لا مـــزّقـــوا قــرْآنــنـــا ..لا غــوّطُــــوا
أشـــلاءَنــــا .. فـتــغــوّطــتْ ونــتِــنّـــا

لا اسْتفعلـــــــــوا بنسائـنـا..لا احْـدوْدبُـوا
بـإبـائــنــا .. فـاسـتـخْــونوهُ فــخُــنّـــا

**
نامـي ولا تــــــــــــــأسَـيْ عَـلَـيَّ حمامـتـي..
لِـغـرَامِـنـا زمَـــــــنُ الـمـهـانـة غــنَّـــى..

نـامـي..فـلا نـفْـــــــسٌ تــتــوق لـثَـأْرهــا
كــــلٌّ بِـلـيْــلِ الــصّـــبِّ هــــامَ..وجُــنَّــا.
*
صـــــــــــــلاح داود
تــونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق