الاعضاء

الجمعة، 20 فبراير 2015

أسئلة اللغة الحرام **** شعر / السيد السالك / تونس






****

أسئلة اللغة الحرام
عاد أبي من صولة الحقل وعيدا
عاد أبي من ضيعة الحلم عديدا
لا عين لدمعته 
لا جبين للعرق المكابر مذ نعى
جرحا عنيدا
عاد للوهم المقدس هاهنا
يسّاءل
عن جارة سكنت صداه
عن جار رتقت مداه
عن بدوية ضلت طرائقها
يعلم كل موضعا.. إلاه
اليمام الراحل يمضي إلى شغف
فهل يجيب سواه ؟
لغة المسافر حجرية في بدئها
والطلل المخبأ في المراسم
يدرك من مر قبل الرحيل
ومن ضاع قبل المجيء
و من ..
وأنت
تعود مع المجيء و في الوصول تغيب
تجيء عنك صبابة وافتراض
هات يديك أدس فيها صحائفي
هات يديك
زمن الحصاد حاصره الخريف الطويل
والغيمة تسرف في المضي إلى الشرف الجديد
هات يديك
هذا جنوبك من جنوبه مفرغ
و الجبين يضيء شمسك إن تهاوت ...
قل لغربتها أقيمي
وسجلي من يخط على الرؤى
أسماءها الحسنى
بم تعود لقبر أمك
ما البكاء وما الورود وما العويل ؟
ضجّت معاجمك الأولى بالتردد والتردي
كأنما الخيبة عشبة الأرض الولود
زنجية
لا شوق هدهدها
ولا زائر يطرق بابها ليلة العيد
لا باب لغرفتها
لا باب لغربتها
من أين يأتي الصرير؟
والبدوية السمراء ما سبيل تربتها ؟
هو يساءل دائما
وأنا أعرف دربها
قبل وصولي بصبوة
قبل اغترابي بحسرة
قبل..
قبل اقترافي خطيئة الشعر
والآن نسيت
أو نسي السبيل
نسيت فراستي و ضراعتي
نسيت ذاكرتي
وعدت للقبائل أمردا
عند بوابة القيروان الأخرى
أو عند مشارف الدمشقي
أو عند حدائق بابل التي ما علقت
وقفت مرتين
واحدة وكنت اعرفني
وواحدة لا أذكر حتى تفاصيلي
جلست..
لأقرا سورة الشعراء
بكيت
أنا أفعل ما أقول
أنا افعل ما أقول
أنا المقاتل و القتيل
أنا العليل
أنا الرسول
ها صحفي
اقرؤوا ما تيسر من مواويلي
خذوا مراكبكم
لا أحتاج ناقلة
قادرون على الحياة بأرضنا
قادرون على الفناء بأرضنا
قادرون..
علمنا الغراب كيف نواري سوءتنا
للغة الحرام رحيل الملح في شفتي
للغة الحرام عهرها والبيان
للغة الحرام أنوثتها المستباحة
والذنب الجليل
لنا في النزيف ما نحتاج لرسمنا
سجل على لوحك المختوم اسم أبي
وخارطة الحزن
و سجل أنني السفر و أن راحلتي
إن ضاقت بها السبل
تأتي معاجمها
خبرني الرعاة
للغة الحرام بعض مفاتن..
علمتني
أدركت مفاتـني
وأبي
يرحل في الأمس و يأتي مفردا
أين آنك يا أبي والبدوية التي خبأتها
بين الرحلتين؟
أين الطل من طللي ؟
اثنان نمضي
من سلافة الحلم نقتص لخادمة
خبأت الرغيف في لف جبتها لنأكل
أكلنا من تراثها ما استطعنا
والتهمت قطة الحي صغارها السبع
ثم جثت على خارطة المبكى
ربما سألتها جارتـنا عن جريمتها
ربما دارت فيها جارتنا أسرار فاجعة
ما عدت اذكر
ما عدت أسأل
يكفيني أستمع
ما الفصاحة ؟ ما أقول ؟
هنا لا شيء على البيان يقوم
الليل والصبح البهيم
أهيم..
بأرض دجلة ؟
لا..
يكفيها غربتها
ويكفي الأرضَ سوادُ حلتها يُقيم
من غربتي أدركت غربتها
يا كيف أمر بالصمت إلى لغتي
لألعن
ما ضاق فيها عن الكلام
لألعن..
ما ضاع منها في الزحام
وما صار منها من الرخام إلى الرخام
وألعن أقلامي وما كتبت
خطت سوادا
و يؤلمني أني ذرفت ملامحي و ملاحمي
ليت الحبر يدركها ويدركني
وأبي من السؤال إلى السؤال
والبدوية الثكلى على آنية الفجر واجمة
من الوريد إلى الوريد
متى سيأتي البريد بالرسائل كلها ؟
ربما يقضى أبي
ربما تضيع الرسائل كلها
أو نموت
و لا يجيء البريد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق