الاعضاء

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

حميدة الصولي : تائهات الغيوم تجف


تنامُ طُيورُ الفيافِي، وفي وهمها بيدَرٌ يستفيقْ.
تنام، وفي صحوةِ الضوء، يُغري الخِماصَ،
تُفيقْ.
هو الجوعُ يا سيدي واقفٌ في العيون،
يحاكي الجفافَ سرابا،
ويحكي ذئاب الغروبْ.
تَعطَّرتِ الأرضُ أو أخصَبتْ
فالأَمانِي جدوبْ.
كأنَّك تكبر في داخلي صارخا،
إن صمتي ضجيج.
سواحلُ هذا الخضمِّ مجلّلةٌ بالعَيَاء،
ويَكبُرُ فينا اصطيادُ الأماني،
ونحن هباءٌ، وتاهْ.
فَليسَ بهذا المتاهِ دروبٌ،
وَليسَ به مَا تَراهْ.
أَجِلْ طرفَك المستنيمَ تَرَ الشمسَ
تهربُ في اللا اتجاهِ.
فذا محشرٌ تتلاطمُ فيه هواجسُنا
وَهْوَ سَاهِ.
وذي زهرة تقتفي عطرها
في انفلاتِ النسائمِ عابقةً بالدواهِي.
وذي موجةٌ آثرتْ أن تَفرّ من الشطِّ،
تسهَرُ بين الملاهي.
وذي أمنيات تُعاقرُ شمسَ الصباح،
وَتَطفُو كَلأْلأَةٍ في فَمِ الانطفاءِ.
وذي صِنْوُ أغرودة أَجَّجتْ روعةَ اللحن
وانتَحَرتْ في انكسارِ الضِّياءِ.
وأَورقَتِ اللحظاتُ عبيرا،
وفي زفرة، أَُخمْدتْ فَورةُ الصبر، لاحتْ سمائي.
كَأَنَّ الفضاءَ يُفيقُ
على بحرةٍ من سبايَا، إِماءِ.
****
إذا استيقظَتْ نجمةٌ في الضباب ضُحًى،
وَهْيَ تحلمُ،
كلُّ المجرَّاتِ ترجُمها،
وَكلُّ الممرَّاتِ تَرفضُها،
وتأكلُ من لحمها الأنجمُ.
إذا استيقظت نجمةٌ في المساء،
وكانتْ على خُطوتين منَ القَمَرِ السرمديِّ،
حَيارَى الغُيوم تجِفُّ،
وتجفو مواويلَها القُبَّراتُ،
يَهُبُّ على خطوها طَلسَمُ.
إذا استيقظتْ نجمتي في الهزيع المريع،
أكفُّ عن الارتباكِ،
وأَحضُنُها أستزيدُ الصُّدوعْ.
وتأتي العصافيرُ تَأْسَرُها بالنشيد،
وتُغرقها في الظلام الشُّموعْ.
ففي نجمتي مرفأٌ لِلأقَاحِ وشَدوِ الطيور ؟
وفي نجمتي مَرتعٌ للبراكين،
تَحرُسُ موتَى الزهور.
وبيني وبيني تقومُ المسافاتُ آهلةً بالصفيرْ.
****
إذَا الضَّوءُ أَسكرهُ الانتباهُ لنجمي،
يَهيمُ الظلامُ بِأوْديةٍ مِن دُمُوعْ.
كذاك السنونو، وبعض نوارسنا،
في احتفال الصقيع،
تَرودُ مهاوٍ وتنسج أشرعةً وقلوعْ.
وتُوقظُ سربَ الغواياتِ زاهيةً كَانتِباهِ الخراف،
شتاءً تهيئ أدْعيةً للربيعْ.
فَذِي تَائهاتُ الغُيوم تَجِفُّ،
وَتهطلُ منها غُيومٌ عِجافْ.
وَلَستُ الذي يَحْلبُ الأمنياتِ،
يُوسِّدُها لخيولِ الضَّباب.
فَلِي في فِجاجِ السَّراب دُروبٌ،
تُغالِطُني عبر صَمغِ الكلام.
أأُغرِقُ خيلي بأوجاعها، أم أنام ؟
فكلُّ الأماني التي قد حفرتُ بروحي
تَنامُ على هدهَدَاتِ السَّرابْ.
وأُحصي الأماني،
فَلا أَستَطيعُ ابتِلاعَ العُبابْ.
ُهنا وَاحةٌ من خمُولٍ، ومِن غَردقٍ،
وَشرابُ الظِّماءِ من الطير،
مُزنٌ يبابْ.
وقلبي على الأيكِ يَهمي
شظايا اكتئَابْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق