دَعْ بَلابِلَ الشَمسِ تُولَدُ مِن حُنجَرَتي لِتُغرّدَ نَشيدَ اَلسَعادَةِ الحَقيقِيِ
أَنْا جُذورِيَ مِنْ سُلالَةِ الفَرَحِ
وَمُنذُ وِلادَةِ فَجرِيَ أَلِدُ النَغَمَ تِلوَ النَغَمِ في عَقرِ الغَمّ ِ
وَأُحَوّلُ الصَمتَ إِلى مَهرَجانٍ
دَعْ فَراشاتِ نَيسانَ تَنطَلِقُ مِنْ بَينِ عُروقِي لِتُعانِقَ زَهرَ الَليمونِ
وَ حَمامُ الوَداعَةِ يَخرُجُ مِنْ فَمي لِيَنشُرَ سَلاماً جَديداً في عَهدِ الاِستِبدادِ
وَيوقِظَ النائِمينَ في كُهوفِ الظَلامِ
وَاَسمَحُ لِعَصافيرِ القَمَرِ أَنْ تُزَقزِقَ حُرَةً
كَيّ أَستَخرِجَ أَيقوناتِ الفَجرِ مِنْ ذاتِيَ عَلى إيقاعاتِها
فَتُضيفُ لَحنَ التَغييرِ إِلى السَلالِمِ الموسيقِيَةِ
كَيفَ أَشرَحُ إِلَيكَ مَشاعِريْ وَأنتَ وَأدتُها قَبلَ أَنْ تُولَدَ؟
وَمَرارَةُ اليَأسِ تَلجِمُ لِسانِيَ بِخُيوطِ القَمعِ وَالتَهديدِ!!
كَيفَ أُغازِلُكَ وَالشَوقُ تَجمّدَ في سَواقي شَراييني
وَ رَذاذُ الثَلجِ يُغطي مَساحاتِ جَسَدي
سنونوات الحلم تنزف جريحة على أعتاب قلبي
وَزَهرَ الجِلنارِ يَحتَضِرُ عَلى وَقعِ شَهَقاتي؟؟.
وَغادَرَ عِطرُ إِكليلِ الغارِ جَسَدي
لا أستَطيعُ عِشقَكَ أَيُها التائِهُ عَنْ ذاتِكَ
أَنتَ مَنْ كَسَرَ أَجنِحَةَ الطُيورِ في خَفْق ِ قَلبي
وَسَرَقَ نَفَحاتِ القُرُنفُلِ مِن رَبيعِ أَيامي
فَما عادَتْ قَشعَريرَةُ الإحساسِ تَسري في مَساماتي
وَما عادَ لِوُجودِكَ طَعمٌ في مَذاقِيَ، وَجَفَّ رَحيقُ الزَهرِ على شِفاهِ النَحلِ
هَلْ أَمنَحُكَ ما لا أَملِكَهُ لَكَ ؟؟ أَيُها المُزَيَفُ !!
أَنا لا أُحسِنُ سِياسَةَ النِفاق ِ، وَلا كَياسَةَ التَنميقِ
وَلا أُجيدُ أَدوارَ التَمَلُق ِ
وَلا أُبدِعُ في اِرتِداءِ أَقنِعَةً وَهميَةً لا تُناسِبُ استِدارَةَ وَجهيَ
أَيُها التائِهُ عَنْ ذاتِكَ.. الإنسانِيَةُ قيمَةٌ ثَمينَةٌ
لا تَزدَهِرُ إِلا بِالعَطاءِ لِمَن أَحسَنَ فَهمَها، وإِدراكَها، وَقَدَّرَ جُلَّ مَعانيها
وَلا تَتَفَجَرُ يَنابيعَ إِبداعِ الأُنوثَةِ إِلا في أَحضانِ عَشيقِها الوَطنِ اَلأُم
أَخافُ الاِقتِرابَ مِنكَ
وَخُطُواتي مُطَوَّقَةٌ بِأَشواكِ حَدائِقَكَ القاتِلَةِ
الَتيْ رَسَمتْ لَوحَةَ دِمائي النازِفَةِ مِن قَدَمي
كَيفَ لِيَ أَنْ أُسلِّمَكَ جَسَدي وَأَغلالُ السيطَرَةِ وَالتَمَلُكِ تُقَيِدُ مِعصَميّ؟؟
وَحراسُكَ يَحرِقونَ ياسمينَ خاصِرَتَي
وَأَسلِحَةُ استِبدادِكَ تَقصِفُ أَعوادَ الرَياحينَ في حَوضِيَ
أَسأَلُكَ: بِأَي حَق ٍ تُحَلِقُ في سَمائِيَ وَأَنتَ تُهاجِمُ نَوارِسَ كَوكَبي
وَكَيفَ تُجَدِفُ في بِحاريَ وَأَنتَ تَصطادُ اللُؤلؤَ مِن يَمّ ِ أَحلامي ؟؟
لَنْ أُقَبِّلُكَ .. وَأَنتَ تَسرِقُ كُلَ صَباحٍ شَقائِقَ النُعمانِ مِن دَمي
وَتَخطِفُ عِطرَ البَخورِ مِن أنفاسيَ
وَتُدمرُ قَرابيني المُقَدسَةَ في مَعبَدِ عِشتار
حَتى لَو كانَ المَوتُ ثَمَناً
أَيُها الحالِمُ الأَحمقُ
لَنْ أَذوبَ مِثلَ الشَهدِ بَينَ شَفتَيكَ
وَ أَنتَ تَقطِفُ كُلَ مَساءٍ الحَبَقَ مِن بَسَماتي
وَلَنْ أُومِنَ بِكَ وأَنتَ جَلادٌ مُحتَرِفٌ
أَيُها الغاضِبُ مِن سُلالَةِ نَيرون كَيفَ أُضيءُ شُموعِيَ في مَخدَعِكَ؟
وَأَنتَ تُطفِئُ نورَ أَفكاريَ وَتَحبِسُ الهواءَ عَن حُرِيَتي
تَفصِلُ بَينْي وبَينِكَ مِئَةُ سَنَةٍ ضوئِيَةٍ ، وَآلافُ القُرونِ
وَتُباعِدُنا الخُطُواتِ
أَنتَ وَليدُ الظُلمِ وَالسِفاحَةِ
وَأَنا سَلوى المُعَذَبينَ
أَنتَ خانِقُ الأَرواحِ وَمُدَمِرُ النُفوسِ
وَأَنا عَذراءُ الروحِ وَغَجَرِيَةُ الحُريَةِ
لا تَلتَقي روحي مَعَ روحِكَ تَحتَ سَماءٍ واحِدَةٍ
وَلَنْ أَمنَحَكَ قَلبيَ وَأَنتَ جَزارٌ ماهِرٌ في فَرمِ المَشاعِرِ والأَحاسيسِ
وَفنانٌ بارِعٌ في تَتبيلِ خَلطَةِ الذُلِ في صُحونِ الغُش ِ
لَنْ أَركَعَ عَلى بابِ مِحرابِ ذُكورَتِكَ المُعَقدَةِ لأُرضي غُرورَكَ
وَلَنْ أَهِبَكَ ذاتي وَأَنتَ لا تَحتَرِمها
لأَنَ روحيَ تَرفُلُ بِالعِزَةِ والمَجدِ خالِدَةٌ مُنذُ الأَزَلِ ولا تَزَل
وَلَنْ تَحلَمَ بِقَطفَةِ زَيزَفون مِن عُنقِيَ
عِطرُ ضَميرِكَ نَضَبَ وباتَ صَحراءٌ قاحِلةُ المعنى
فارحَلْ عَني أَيُها الظالِمُ الجاهِلُ
أَنا لَستُ نَعجَةً طَريَةً للاِلتِهامِ.. لَحميَ مُرٌّ
وَ زَعّافٌ مُميتٌ لحَضارَتِكَ الزائِلَةِ وَثقافَتِكَ الرَخيصَةِ
لَنْ أَِسمَحَ لَكَ بِالزَرعِ في أَرضِي وَأَنتَ كَالمُستَعمرِ الدَخيلِ
أَنْا لا أُثمِرُ إِلا حَيثُ الحُبَ الخالِصُ
وُطَني هُوَ حَبيبيَ الأَول، وَلا أَقبَلُ وُجوداً لأَمثالِكَ في جِنانِه
اِرحَل وَدَعْ اليَماماتِ تُحَلِقُ ما بَعدَ النُجومِ عَزيزَةً
وَأَعد القَمَرَ لإمارَتي المَسلوبَةِ..
اِرحَل.. لَقَد وَلىّ عَهدُكَ، وَما عادَ لِنعناعِكَ نَكهَةٌ في مَذاقيَ.