ذئابُ الكَراهِية
ذابَ الزمنُ بالفجرِ الذي يبكي
ذابَ في آنيةِ الغربةِ
أريجُ الصنوبرِ في مَوطنِ العذابِ يخفقْ
ودَّعتُ فضائليِ العذبةَ
أضحكُ مِنَ الألمِ
كيفَ أدفنُ قلبيَ المستغيثِ حزنًا !؟
خُذني لو مرةً مثلَ بحرٍ قديمٍ وجرِّدنيٍ من اقتِضابيٍ
ازرَعنيٍ فَوقَ ترابِ الشمسِ
خُذ كلَ أوردتيِ العاجزةَ
وصراخيَ الرخيم الذي يلثمُ شتاتيِ
خذنيِ كي أرتلَ تَراتيلَ الهيبةِ فوقَ أوتارٍِ الجرحِ
أعلِّـقُ َالغضبَ في مِيراثِ القَراحِ
ما زالَ نزفي طويلاً
كأعشىً يحاورُ دمَ الفَجِيعةِ
كنتُ أصحو بفجرِ السنابلِ ألوكُ ظلماتِ الصبرِ
كنتُ كالمطرِ الوثنيِ فوقَ زهرةِ العَصْفِ
كالوديعِ في خفايا الصِبا خذني
صدري يموجُ في مهبِ القلوعِ
أحلمُ في سرِّ قنديلِ النعاسِ
كما سفينةٍ مهاجرةٍ خذني تحتَ المدِّ العاصفِ
أبقاها الليلُ بالمَرْجِ فارتبكَتْ بماءِ الخَلقِ
أغلقتُ الحنانَ العميقَ في جسدِ الألمِ
ذَبُلتُ في ريحِ الموتِ
أطبقتُ غِبطتي في القلبِ
لتئنَّ النواقِيسُ في جيفِ شُحوبي
-2-
ماذا أثرتَ فيَّ من حِمَمٍ
لأقفَ على بَابِ جهنمَ عَاريةً بلا هلعٍ
أسكنُ الأقدارَ المرتعدة
أنامُ على وسادةِ الشَّرِّ بروحٍ مسحورةٍ
وإبليسَ العظيمَ يُهَدهِدُني
يلوكُ فِتنتي
يا ضبابَ الحُزنِ ضاعَ الصبرُ في شفتيِ
لم يمرَّ على قلبي فجرٌ اغمدُ فيه ثورتي
أتوهجُ في البُعدِ
راحلة القدمينِ إلى بيوتٍ لا تعرفني
معقودة الحاجبينِ اصرخُ في ناقةِ حُزني
يا عاصمةَ الأنبياءِ أي كآبةٍ تبددتْ منكِ
أيتها الزعاماتُ في الجوعِ الفطري كَرِهْتكِ
يا أحضاناً تنزوي في الِعناقِ وتضيع
هذه الوحوش طافحةُ في الهذرِ
وهذه الْحَيَّاتُ تنمو براعِمُها في الجحيمِ
يشربونَ ماءَ الحياةِ من زبدِ الكراهية
يحرقونَ الجرائمَ من وحشِيتِهم
يا فتاتَ الأرضَ في مناقيرِ البلابل
السواحلُ العربيةُ جريحةٌ تصرخُ
تشتكِي ضوضاءَ النزقْ
والعباداتُ ملتهبةٌ مِنْ فَوقِ القرابينِ
وهذه العروشُ من وَرَعِهَا تنتشي
هائجةً تمنحُ الألمَ لقذارَتِنا
أيها القديسُ مباركٌ أنتَ فبارِك
أفواجَ الأَبِديةِ والسيادةِ والنبلِ
باركْ رأسي بهذا التاجِ السماوي
بارك ناريَ المقدسةْ
وإِرثِي بندقيتي وعِزَّتِي المباعةِ في سوقِ النِّخَاسَةْ
تعالَ: وأعتلِ ذروتي أيها البردُ الأصمُ
فأنِّي شيَّعتـُك من فوقِ ضبابِ ناظري
أداريكَ من لغةٍ مَمْسُوسَةٍ رخوةٍ
وأمشي إليك بالوجعِ العربي بضحكتي القبيحةْ
شَددتُ وجعَ عقودِكَ من بين شقوقِ السناسلِ أيتها الأرضُ
كل ما اعرفه أنكِ مقهورةٌ
مثل نورسٍ حزينْ
بَصَموا على جبينِك الغدرَ
فمتى ينهضونَ من بقائِهم الصدئ المائلَ للأسفلْ
أيها الفراغُ يا شبيهَ الإناءِ البائِي
كيف أحملُ قلبي من هذا العُهرِ المُنتشي !؟
كيف أبيع أيماني لذئابِ الكراهية !؟
هذه الأرواحُ مُتسخةٌ
مُساومةٌ حتى في جراءَتِها
مُخجِلٌ هذا الشرقُ المتعبُ يعرجُ من آذنهِ
لا شيء غير من القمم
تلوكُ حسرتَها على طاولةِ مفاوضاتِ الغبارِ
وفوقَ الورقِ اليابسْ
يهزأُ رأسُ الحاكمِ البربري من عِزتِنا
ترقبوهُ ليكونَ رجولياً بشهوتِه الفاضحةْ
فكيفَ بهذا العفنِ السقيمِ نكابرْ
شهوداً تورطوا في المدابرِ المدبوغةِ بالعفنْ
وَا أسَفَاهُ! مَاذَا جَرَى
امتلأ كأسُ الحيضِ عزةً
نزفَ الدمُ بالليلِ
همسَ القلبُ في اللذةِ المرعبةِ
خرجتِ الأرواحُ بلا تبصرٍ
صدحَتْ في الأطيارِ وفي القممِ
اشتهيتُ الآنَ أن تخرجَ من العبقِ
لتآكلَ قوتَ الثعبانِ
تلعقُ أصابعكَ المغدورةِ بالدمِ
وتحملُ الشبقَ على كتفيكَ
وتمضي في غدركَ المنتعشْ
من يقرأ شفاهَكَ الغَليظةِ
وحلمَكَ الذَّهبِي
من يحملُ خنجركَ المجنح
ويطعنُ شهداءَ البلابلْ
رميتُ هلعَكَ بفكِّ تنينٍ
طحنتُ الصحراءَ من قوتِكَ
مضغتُ لحمَ الأراملِ
يا حزنيَ الغابرِ القممُ انتصبَتْ
في هلعٍ خَفِي
والأرض تمضغُ وتجترُ جيفَها
كألمِ العينِ في صحراءِ الرملِ
هنا فكوكُ جوعٍ تأكلُ قلبَها
أيها الجالسونَ في قصورِ الجنةْ
هوتْ رومَا وصمتُ الناسكُ
وقيصرٌ صارَ يهودياً
كشفَ عن رغبَتِه المفتونةِ بالذكورةْ
والسخريةُ صعدتْ وبلغتْ سنَا الرشدِ فيكمْ
فمنْ مِنكم أمسكَ به الشيطانْ
أراكَ واقفاً تموتُ أيها الوطنُ على شرفةِ الروابي
كأنكَ المسكونُ في ضوءِ الأثيرِ
فكيفَ بظلي لا أصَبُغُ راحتيكَ
يا دمَ العروسِ صَلِّي ومسد شعرَ أرضِ الغارِ
هاتَ ما أبقيتَ واكتسيتَ من لحمٍ كريمٍ
ارتعشتُ من كلِ مكانٍ مِن خوفي
أخضُ أريجَ خوفِيَ الذي تفتحَ في شجرِ الحزنِ
ملأتُ كأسَ الليلِ دمعاً
كبلتُ عينيّ بالفرارِ
ولم اطهِّرُ خطيئتي فوقَ السريرِ الشفقي
ما أبصرتُ ألوانَ العمَى العفنةْ
أفسرُ حيرتِي من حطبِ الجوابِ
ما ظلَّ عنديَ غيرَ عنقِي بأسٌ نحيلٌ
فخبئيني في وردِ شموخِكَ
كقبرةٍ تصلي في حضنِ الزنابق
قرأتُ قمعي من توتِ دمِي
قرأتُ ظلمةَ الأسفِ
ابتلعني دمعُ الأسى
بعد أن لبستُ ثوبَكَ المغتصبْ
أدسني في جسدِ العراءِ شيخوخةً هرمةْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق