الاعضاء

الجمعة، 3 أغسطس 2012

ندى نعمه بجاني : صدى الحواس




صــدى الحــواس 

وقَبلَ انسِدالِ وشاحاتِ العُمر عَلى فِراشي
وَانطِفاءِ شَمسِ الذاكرَة في عيونِ الظلام
وَانكِفاءِ صَدى الحَواس

وَاختِتامِ النّفسِ الأخير
وقَبلَ أن أغادرَ هذه الارض
وأرحلَ عَن هذا الكَون
قَبلَ أن يَنتَهي تاريخُ الوجدان
ويَزولَ وَجعُ الأيّـام
وتُختَتمَ مَراراتي 
وتَنطَفئَ جَوارحي
وتَلتَئِمَ جراحي
أعودُ بنَفسي إلى سَاعةٍ مُسافِرَة
في دُنيا كُنتُ لَها ومِنها أسعدَ الكائنات 
ألملِمُ أشلاءَ أمسي وَصوتَ عَذاباتي
بعَرَقي بوَجعِ سِنيني المُقفِرَة
بأكفّي الفارغَة .. بأناملي الحائِرَة
بفَشلي العَميق
وَأسَفي الكَبير
أودّعُ قِصّةَ حُبّي العَتيق
لَطالَما عاشَت في دَمي
أحملُها إلى مَثوايَ الأخير
وَأكمِلُ دائرَةَ حُلُمي
فَأرخي شَجرَتي بوَجهِ الرّيح
تُقاومُ عِنادَ أيامي
حَيالَ حُبٍّ جارفٍ يَتآكَلُني 
تَشُدّني نَفَحاتُ قَلبهِ
أسقَطَ كَلماتي في مَحفَلِ شِعرِهِ
بَسَطَ يداه تَجتاحُ حَنيني
تَهاوى في جَنَباتِ قَلبي
بحُروفٍ سِهامٍ جَفَّ لَها ريقي 
أفرغَ صَفائحَ الحَنان تَقتلُ أنيني 

وَقَبلَ أن أموتَ وَأوارى الثّرى
وَتُمطِرَ العَواصف تَزفُّ مَوتَ شاعِرَة
تَصولُ في ضُّلوعي الحَمائِم 
وَتَعودُ بأَلفِ عُصفورٍ يُغرِّدُ لِساعَتي
أستَجمِعُ أنفاسي
فَأكتبُ عَلى قَبري اسمَكَ
وعَلى سُعُفِ النّخيل أكتُبُ قَصيدَتي
أذكرُ للعالَم وَأذَكِّرُهُ بصَفَحاتِ وَجدي 
أعتَرفُ بخَطيئتي
يَومَ كنتُ بقُدسِيّةِ حُبّي أجري
أرتَمي على قامَتِكَ
ألقي بهَديرِ أهوائي
أنثُرُ كُلَّ أوراقي
أسقِطُ تَعاليمي
وَأحكي عَنكَ حَبيبي
يا زَهرةَ عِشقٍ كَلّلت جَبيني
وَشعاعـًا نفَخَ حَرارةَ روحي
أقولُ مَا أحبَبتُ فيكَ ولِمَ عَشِقتُكَ
أحكي عَن طالِعي المَدفونِ في سَمائكَ
عَن انتِحارِ كِبريائي يَومَ صادَفتُكَ 
عَن صورَتِكَ الطّافِحَة في مُخيّلَتي
عَن حبّكَ الجارف يَتَبَجّلُ في نَعيمي قُربكَ 
عَن صَفوِ هواك
عَن أيَامي الشّفافِ الصاعدَة
بحَشرِجَةِ ارتِعاشي
في ظِلِّ عَرشِكَ الوارف
عَنِ اندِحارِ عَناقيدِ شَوقي
يَومَ صَحَوتُ عَلى شِفاهِكَ
تَغمُرُ كَلَّ تَكويني

وقَبلَ أن تَخلُدَ روحي وَتَرتاحَ نَفسي
وألحَقَ رُكبَ السّموات
أراقِصُ مَوتَك الهادِئ في دَيري
وَأشرفُ عَلى مَدينَتكَ
حَيثُ يولدُ فَرحي وتَرى عَيناهُ النّور
فَأعتَنِقُ دينَكَ 
إيمانـًا بحبّكَ شَمعةَ حَياتي
بصَحوِكَ العَذبِ يَعتَريني 
بجنودِ شَوقِكَ تَشنُقُني 
بجُنونِ صَمتِكَ يَضجُّ في كلِماتي
ببُعادِكَ يُبكِمُ قَصيدي يُصِمُّ تَلاحيني
يُبكي لَيلاتي يَحرِقُ دَواويني 

لَو أن حُبّكَ يَموت لَماتَت كَلُّ الحَيَوات
لَتَناثرَ لِمَجدِ حبّكَ اللؤلؤ وَسالَ العَقيق 
لَغرَزتُ في صَدركَ أيقونةَ قَلبي
وَغنّيتُ لِقلبكَ نَشيدَ حُبّيَ 
لَغِبتُ في عِناقِ جيدِكَ
وَاشتَهيتُ لَثمَ فؤادِكَ
لَاختَمَرتُ في تَقبيلِ يدِكَ
وَاستَسمَحتُ وَجدَكَ
يَمسَحُ دَمعيَ الوَفير
لَمُجتُ في رَوضِكَ كَالرّحيق
وَانتَشيتُ في فَجرِ عُمرِكَ الجَديد
وَاعتَرفتُ أنّك قاتِلي
وَحبّكَ عيدي
فَهَواكَ وَشمٌ لا يَزول
وَذكراكَ بالعُمرِ تَطول

ندى نعمه بجاني
30 . 7 . 2012
رَجُـلُ المُستَحيـل
القصيدة الأخيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق